كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



كذلك تقرر النصوص نهاية المعركة ونتيجتها، وقيمة الإيمان في مصائر الجماعات في هذه الحياة الدنيا قبل الجزاء في الحياة الآخرة: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}.. {ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}.
كما تقرر صفة المسلم الذي يختاره الله لدينه، ويمنحه هذا الفصل العظيم في اختياره لهذا الدور الكبير: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}.
وكل هذه التقريرات خطوات في المنهج، وفي صياغة الفرد المسلم، والجماعة المسلمة على الأساس المتين.
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. بعضهم أولياء بعض. ومن يتولهم منكم فإنه منهم. إن الله لا يهدي القوم الظالمين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة. فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين}.
ويحسن أن نبين أولًا معنى الولاية التي ينهى الله الذين آمنوا أن تكون بينهم وبين اليهود والنصارى..
إنها تعني التناصر والتحالف معهم. ولا تتعلق بمعنى اتباعهم في دينهم. فبعيد جدًا أن يكون بين المسلمين من يميل إلى اتباع اليهود والنصارى في الدين. إنما هو ولاء التحالف والتناصر، الذي كان يلتبس على المسلمين أمره، فيحسبون أنه جائز لهم، بحكم ما كان واقعًا من تشابك المصالح والأواصر، ومن قيام هذا الولاء بينهم وبين جماعات من اليهود قبل الإسلام، وفي أوائل العهد بقيام الإسلام في المدينة، حتى نهاهم الله عنه وأمر بإبطاله.
بعد ما تبين عدم إمكان قيام الولاء والتحالف والتناصر بين المسلمين واليهود في المدينة..
وهذا المعنى معروف محدد في التعبيرات القرآنية. وقد جاء في صدد الكلام عن العلاقة بين المسلمين في المدينة والمسلمين الذين لم يهاجروا إلى دار الإسلام. فقال الله سبحانه: {ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}. وطبيعي أن المقصود هنا ليس الولاية في الدين. فالمسلم ولي المسلم في الدين على كل حال. إنما المقصود هو ولاية التناصر والتعاون. فهي التي لا تقوم بين المسلمين في دار الإسلام والمسلمين الذين لم يهاجروا إليهم.. وهذا اللون من الولاية هو الذي تمنع هذه الآيات أن يقوم بين الذين آمنوا وبين اليهود والنصارى بحال، بعد ما كان قائمًا بينهم أول العهد في المدينة.
إن سماحة الإسلام مع أهل الكتاب شيء، واتخاذهم أولياء شيء آخر، ولكنهما يختلطان على بعض المسلمين، الذين لم تتضح في نفوسهم الرؤية الكاملة لحقيقة هذا الدين ووظيفته، بوصفه حركة منهجية واقعية، تتجه إلى إنشاء واقع في الأرض، وفق التصور الإسلامي الذي يختلف في طبيعته عن سائر التصورات التي تعرفها البشرية؛ وتصطدم- من ثم- بالتصورات والأوضاع المخالفة، كما تصطدم بشهوات الناس وانحرافهم وفسوقهم عن منهج الله، وتدخل في معركة لا حيلة فيها، ولابد منها، لإنشاء ذلك الواقع الجديد الذي تريده، وتتحرك إليه حركة إيجابية فاعلة منشئة..
وهؤلاء الذين تختلط عليهم تلك الحقيقة ينقصهم الحس النقي بحقيقة العقيدة، كما ينقصهم الوعي الذكي لطبيعة المعركة وطبيعة موقف أهل الكتاب فيها؛ ويغفلون عن التوجيهات القرآنية الواضحة الصريحة فيها، فيخلطون بين دعوة الإسلام إلى السماحة في معاملة أهل الكتاب والبر بهم في المجتمع المسلم الذي يعيشون فيه مكفولي الحقوق، وبين الولاء الذي لا يكون إلا لله ورسوله وللجماعة المسلمة. ناسين ما يقرره القرآن الكريم من أن أهل الكتاب.. بعضهم أولياء بعض في حرب الجماعة المسلمة.. وأن هذا شأن ثابت لهم، وأنهم ينقمون من المسلم إسلامه، وأنهم لن يرضوا عن المسلم إلا أن يترك دينه ويتبع دينهم. وأنهم مصرون على الحرب للإسلام وللجماعة المسلمة. وأنهم قد بدت البغضاء من أفواهم وما تخفي صدورهم أكبر.. إلى آخر هذه التقريرات الحاسمة.
إن المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب، ولكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر والتحالف معهم. وإن طريقه لتمكين دينه وتحقيق نظامه المتفرد لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب، ومهما أبدى لهم من السماحة والمودة فإن هذا لن يبلغ أن يرضوا له البقاء على دينه وتحقيق نظامه، ولن يكفهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه والكيد له..
وسذاجة أية سذاجة وغفلة أية غفلة، أن نظن أن لنا وإياهم طريقًا واحدًا نسلكه للتمكين للدين! أمام الكفار والملحدين! فهم مع الكفار والملحدين، إذا كانت المعركة مع المسلمين!!!
وهذه الحقائق الواعية يغفل عنها السذج منا في هذا الزمان وفي كل زمان؛ حين يفهمون أننا نستطيع أن نضع أيدينا في أيدي أهل الكتاب في الأرض للوقوف في وجه المادية والإلحاد- بوصفنا جميعًا أهل دين!- ناسين تعليم القرآن كله؛ وناسين تعليم التاريخ كله.
فأهل الكتاب هؤلاء هم الذين كانوا يقولون للذين كفروا من المشركين: {هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا}. وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين ألبوا المشركين على الجماعة المسلمة في المدينة، وكانوا لهم درعًا وردءًا. وأهل الكتاب هم الذين شنوا الحروب الصليبية خلال مائتي عام، وهم الذين ارتكبوا فظائع الأندلس، وهم الذي شردوا العرب المسلمين في فلسطين، وأحلوا اليهود محلهم، متعاونين في هذا مع الإلحاد والمادية! وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين يشردون المسلمين في كل مكان.. في الحبشة والصومال واريتريا والجزائر، ويتعاونون في هذا التشريد مع الإلحاد والمادية والوثنية، في يوغسلافيا والصين والتركستان والهند، وفي كل مكان!
ثم يظهر بيننا من يظن- في بعد كامل عن تقريرات القرآن الجازمة- أنه يمكن أن يقوم بيننا وبين أهل الكتاب هؤلاء ولاء وتناصر. ندفع به المادية الإلحادية عن الدين!
إن هؤلاء لا يقرأون القرآن. وإذا قرأوه اختلطت عليهم دعوة السماحة التي هي طابع الإسلام؛ فظنوها دعوة الولاء الذي يحذر منه القرآن.
إن هؤلاء لا يعيش الإسلام في حسهم، لا بوصفه عقيدة لا يقبل الله من الناس غيرها، ولا بوصفه حركة إيجابية تستهدف إنشاء واقع جديد في الأرض؛ تقف في وجه عداوات أهل الكتاب اليوم، كما وقفت له بالأمس. الموقف الذي لا يمكن تبديله. لأنه الموقف الطبيعي الوحيد!
وندع هؤلاء في إغفالهم أو غفلتهم عن التوجيه القرآني، لنعي نحن هذا التوجيه القرآني الصريح: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
هذا النداء موجه إلى الجماعة المسلمة في المدينة- ولكنه في الوقت ذاته موجه لكل جماعة مسلمة تقوم في أي ركن من أركان الأرض إلى يوم القيامة.. موجه لكل من ينطبق عليه ذات يوم صفة: {الذين آمنوا}.
ولقد كانت المناسبة الحاضرة إذ ذاك لتوجيه هذا النداء للذين آمنوا، أن المفاصلة لم تكن كاملة ولا حاسمة بين بعض المسلمين في المدينه وبعض أهل الكتاب- وبخاصه اليهود- فقد كانت هناك علاقات ولاء وحلف، وعلاقات اقتصاد وتعامل، وعلاقات جيره وصحبه.. وكان هذا كله طبيعيًا مع الوضع التاريخي والاقتصادي والاجتماعي في المدينة قبل الإسلام، بين أهل المدينة من العرب وبين اليهود بصفة خاصة.. وكان هذا الوضع يتيح لليهود أن يقوموا بدورهم في الكيد لهذا الدين وأهله؛ بكل صنوف الكيد التي عددتها وكشفتها النصوص القرآنية الكثيرة؛ والتي سبق استعراض بعضها في الأجزاء الخمسة الماضية من هذه الظلال؛ والتي يتولى هذا الدرس وصف بعضها كذلك في هذه النصوص.
ونزل القرآن ليبث الوعي اللازم للمسلم في المعركة التي يخوضها بعقيدته، لتحقيق منهجه الجديد في واقع الحياة. ولينشئ في ضمير المسلم تلك المفاصلة الكاملة بينه وبين كل من لا ينتمي إلى الجماعة المسلمة ولا يقف تحت رايتها الخاصة. المفاصلة التي لا تنهي السماحة الخلقية. فهذه صفة المسلم دائمًا. ولكنها تنهي الولاء الذي لا يكون في قلب المسلم إلا لله ورسوله والذين آمنوا.. الوعي والمفاصلة اللذان لابد منهما للمسلم في كل أرض وفي كل جيل.
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
بعضهم أولياء بعض.. إنها حقيقة لا علاقة لها بالزمن.. لأنها حقيقة نابعة من طبيعة الأشياء.. إنهم لن يكونوا أولياء للجماعة المسلمة في أي أرض ولا في أي تاريخ.. وقد مضت القرون تلو القرون ترسم مصداق هذه القولة الصادقة.. لقد ولي بعضهم بعضًا في حرب محمد صلى الله عليه وسلم والجماعة المسلمة في المدينة. وولي بعضهم بعضًا في كل فجاج الأرض، على مدار التاريخ.. ولم تختل هذه القاعدة مرة واحدة؛ ولم يقع في هذه الأرض إلا ما قرره القرآن الكريم، في صيغة الوصف الدائم، لا الحادث المفرد.. واختيار الجملة الأسمية على هذا النحو.. بعضهم أولياء بعض.. ليست مجرد تعبير! إنما هي اختيار مقصود للدلالة على الوصف الدائم الأصيل!
ثم رتب على هذه الحقيقة الأساسية نتائجها.. فإنه إذا كان اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض فإنه لا يتولاهم إلا من هو منهم. والفرد الذي يتولاهم من الصف المسلم، يخلع نفسه من الصف ويخلع عن نفسه صفة هذا الصف «الإسلام» وينضم إلى الصف الآخر. لأن هذه هي النتيجة الطبيعية الواقعية: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.
وكان ظالمًا لنفسه ولدين الله وللجماعة المسلمة.. وبسبب من ظلمه هذا يدخله الله في زمرة اليهود والنصارى الذين أعطاهم ولاءه. ولا يهديه إلى الحق ولا يرده إلى الصف المسلم: {إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
لقد كان هذا تحذيرًا عنيفًا للجماعة المسلمة في المدينة. ولكنه تحذير ليس مبالغًا فيه. فهو عنيف. نعم؛ ولكنه يمثل الحقيقة الواقعة. فما يمكن أن يمنح المسلم ولاءه لليهود والنصارى- وبعضهم أولياء بعض- ثم يبقى له إسلامه وإيمانه، وتبقى له عضويته في الصف المسلم، الذين يتولى الله ورسوله والذين آمنوا.. فهذا مفرق الطريق..
وما يمكن أن يتميع حسم المسلم في المفاصلة الكاملة بينة وبين كل من ينهج غير منهج الإسلام؛ وبينه وبين كل من يرفع راية غير راية الإسلام؛ ثم يكون في وسعه بعد ذلك أن يعمل عملًا ذا قيمة في الحركة الإسلامية الضخمة التي تستهدف- أول ما تستهدف- إقامة نظام واقعي في الأرض فريد؛ يختلف عن كل الأنظمة الأخرى؛ ويعتمد على تصور متفرد كذلك من كل التصورات الأخرى.
إن اقتناع المسلم إلى درجة اليقين الجازم الذي لا أرجحة فيه ولا تردد بأن دينه هو الدين الوحيد الذي يقبله الله من الناس بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبأن منهجه الذي كلفه الله أن يقيم الحياة عليه منهج متفرد؛ لا نظير له بين سائر المناهج؛ ولا يمكن الاستغناء عنه بمنهج آخر؛ ولا يمكن أن يقوم مقامه منهج آخر؛ ولا تصلح الحياة البشرية ولا تستقيم إلا أن تقوم على هذا المنهج وحده دون سواه؛ ولا يعفيه الله ولا يغفر له ولا يقبله إلا إذا هو بذل جهد طاقته في إقامة هذا المنهج بكل جوانبه الاعتقادية والاجتماعية؛ لم يأل في ذلك جهدا ولم يقبل من منهجه بديلا ولا في جزء منه صغير ولم يخلط بينه وبين أي منهج آخر في تصور اعتقادي ولا في نظام اجتماعي ولا في أحكام تشريعية إلا ما استبقاه الله في هذا المنهج من شرائع من قبلنا من أهل الكتاب إن اقتناع المسلم إلى درجة اليقين الجازم بهذا كله هو وحده الذي يدفعه للاضطلاع بعبء النهوض بتحقيق منهج الله الذي رضيه للناس؛ في وجه العقبات الشاقة والتكاليف المضنية والمقاومة العنيدة والكيد الناصب والألم الذي يكاد يجاوز الطاقة في كثير من الأحيان وإلا فما العناء في أمر يغني عنه غيره مما هو قائم في الأرض من جاهلية سواء كانت هذه الجاهلية ممثلة في وثنية الشرك أو في انحراف أهل الكتاب أو في الإلحاد السافر بل ما العناء في إقامة المنهج الإسلامي إذا كانت الفوارق بينه وبين مناهج أهل الكتاب أو غيرهم قليلة؛ يمكن الالتقاء عليها بالمصالحة والمهادنة إن الذين يحاولون تمييع هذه المفاصلة الحاسمة باسم التسامح والتقريب بين أهل الأديان السماوية يخطئون فهم معنى الأديان كما يخطئون فهم معنى التسامح فالدين هو الدين الأخير وحده عند الله والتسامح يكون في المعاملات الشخصية لا في التصور الاعتقادي ولا في النظام الاجتماعي إنهم يحاولون تمييع اليقين الجازم في نفس المسلم بأن الله لا يقبل دينا إلا الإسلام وبأن عليه أن يحقق منهج الله الممثل في الإسلام ولا يقبل دونه بديلا؛ ولا يقبل فيه تعديلا ولو طفيفا هذا اليقين الذي ينشئه القرآن الكريم وهو يقرر إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم وفي القرآن كلمة الفصل ولا على المسلم من تميع المتميعين وتمييعهم لهذا اليقين ويصور السياق القرآني تلك الحالة التي كانت واقعة؛ والتي ينزل القرآن من أجلها بهذا التحذير فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة روى ابن جرير قال حدثنا أبو كريب حدثنا إدريس قال سمعت أبي عن عطية بن سعد قال جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي موالي من يهود كثير عددهم؛ وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي رأس النفاق إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي «يا أبا الحباب ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة ابن الصامت فهو لك دونه» قال قد قبلت فأنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء وقال ابن جرير حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري قال لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر فقال مالك بن الصيف أغركم أن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال أما لو أصررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا فقال عبادة بن الصامت يا رسول الله إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسهم كثيرا سلاحهم شديدة شوكتهم وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود ولا مولى لي إلا الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي لكني لا أبرأ من ولاية يهود إني رجل لابد لي منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أبا الحباب أرأيت الذي نفست به من ولاية يهود على عبادة ابن الصامت فهو لك دونه» فقال إذن أقبل قال محمد بن إسحاق فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو قينقاع فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبدالله بن أبي بن سلول حين أمكنة الله منهم فقال يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج قال فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال يا محمد أحسن في موالي قال فأعرض عنه قال فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «أرسلني» وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللا ثم قال «ويحك أرسلني» قال لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاسر وثلاثمائه دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة إني امرؤ أخشى الدوائر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هم لك» قال محمد بن إسحاق فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن عبادة عن الوليد بن عبادة بن الصامت قال لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبدالله بن أبى وقام دونهم؛ ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحد بني عوف بن الخزرج له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي فجعلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وقال يا رسول الله أبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وأتولى الله ورسوله والمؤمنين وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم ففيه وفي عبدالله بن أبي نزلت الآية في المائدة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض إلى قوله ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون وقال الإمام أحمد حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبى زيادة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عودة عن أسامة بن زيد قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبدالله بن أبى نعوده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «قد كنت أنهاك عن حب يهود» فقال عبدالله فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمات وأخرجه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق فهذه الأخبار في مجموعها تشير إلى تلك الحالة التي كانت واقعة في المجتمع المسلم؛ والمتخلفة عن الأوضاع التي كانت قائمة في المدينة قبل الإسلام؛ وكذلك عن التصورات التي لم تكن قد حسمت في قضية العلاقات التي يمكن أن تقوم بين الجماعة المسلمة واليهود والتي لا يمكن أن تقوم غير أن الذي يلفت النظر أنها كلها تتحدث عن اليهود ولم يجى ء ذكر في الوقائع للنصارى ولكن النص يجمل اليهود والنصارى ذلك أنه بصدد إقامة تصور دائم وعلاقة دائمة وأوضاع دائمة بين الجماعة المسلمة وسائر الجماعات الأخرى سواء من أهل الكتاب أو من المشركين كما سيجيء في سياق هذا الدرس ومع اختلاف مواقف اليهود من المسلمين عن مواقف النصارى في جملتها في العهد النبوي ومع إشارة القرآن الكريم في موضع آخر من السورة إلى هذا الاختلاف في قوله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى} الخ مع هذا الاختلاف الذي كان يومذاك فإن النص هنا يسوي بين اليهود والنصارى كما يسوي النص القادم بينهم جميعا وبين الكفار فيما يختص بقضية المحالفة والولاء ذلك أن هذه القضية ترتكز على قاعدة أخرى ثابتة هي أن ليس للمسلم ولاء ولا حلف إلا مع المسلم؛ وليس للمسلم ولاء إلا لله ولرسوله وللجماعة المسلمة ويستوي بعد ذلك كل الفرق في هذا الأمر مهما اختلفت مواقفهم من المسلمين في بعض الظروف على أن الله سبحانه وهو يضع للجماعة المسلمة هذه القاعدة العامة الحازمة الصارمة كان علمه يتناول الزمان كله لا تلك الفترة الخاصة من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وملابساتها الموقوتة وقد أظهر التاريخ الواقع فيما بعد أن عداء النصارى لهذا الدين وللجماعة المسلمة في معظم بقاع الأرض لم يكن أقل من عداء اليهود وإذا نحن استثنينا موقف نصارى العرب ونصارى مصر في حسن استقبال الإسلام فإننا نجد الرقعة النصرانية في الغرب قد حملت للإسلام في تاريخها كله منذ أن احتكت به من العداوة والضغن وشنت عليه من الحرب والكيد ما لا يفترق عن حرب اليهود وكيدهم في أي زمان حتى الحبشة التي أحسن عاهلها استقبال المهاجرين المسلمين واستقبال الإسلام عادت فإذا هي أشد حربا على الإسلام والمسلمين من كل أحد؛ لا يجاريها في هذا إلا اليهود وكان الله سبحانه يعلم الأمر كله فوضع للمسلم هذه القاعدة العامة بغض النظر عن واقع الفترة التي كان هذا القرآن يتنزل فيها وملابساتها الموقوتة وبغض النظر عما يقع مثلها في بعض الأحيان هنا وهناك إلى آخر الزمان وما يزال الإسلام والذين يتصفون به ولو أنهم ليسوا من الإسلام في شيء يلقون من عنت الحرب المشبوبة عليهم وعلى عقيدتهم من اليهود والنصارى في كل مكان على سطح الأرض ما يصدق قول الله تعالى بعضهم أولياء بعض وما يحتم أن يتدرع المسلمون الواعون بنصيحة ربهم لهم بل بأمره الجازم ونهيه القاطع؛ وقضائه الحاسم في المفاصلة الكاملة بين أولياء الله ورسوله وكل معسكر آخر لا يرفع راية الله ورسوله إن الإسلام يكلف المسلم أن يقيم علاقاته بالناس جميعا على أساس العقيدة فالولاء والعداء لا يكونان في تصور المسلم وفي حركته على السواء إلا في العقيدة ومن ثم لا يمكن أن يقوم الولاء وهو التناصر بين المسلم وغير المسلم؛ إذ أنهما لا يمكن أن يتناصرا في مجال العقيدة ولا حتى أمام الإلحاد مثلا كما يتصور بعض السذج منا وبعض من لا يقرأون القرآن وكيف يتناصران وليس بينهما أساس مشترك يتناصران عليه إن بعض من لا يقرأون القرآن ولا يعرفون حقيقة الإسلام؛ وبعض المخدوعين أيضا يتصورون أن الدين كله دين كما أن الإلحاد كله إلحاد وأنه يمكن إذن أن يقف التدين بجملته في وجه الإلحاد لأن الإلحاد ينكر الدين كله ويحارب التدين على الإطلاق ولكن الأمر ليس كذلك في التصور الإسلامي؛ ولا في حس المسلم الذي يتذوق الإسلام ولا يتذوق الإسلام إلا من يأخذه عقيدة وحركة بهذه العقيدة لإقامة النظام الإسلامي إن الأمر في التصور الإسلامي وفي حس المسلم واضح محدد الدين هو الإسلام وليس هناك دين غيره يعترف به الإسلام لأن الله سبحانه يقول هذا يقول إن الدين عند الله الإسلام ويقول ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وبعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لم يعد هناك دين يرضاه الله ويقبله من أحد إلا هذا الإسلام في صورته التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وما كان يقبل قبل بعثة محمد من النصارى لم يعد الآن يقبل كما أن ما كان يقبل من اليهود قبل بعثة عيسى عليه السلام لم يعد يقبل منهم بعد بعثته ووجود يهود ونصارى من أهل الكتاب بعد بعثه محمد صلى الله عليه وسلم ليس معناه أن الله يقبل منهم ما هم عليه؛ أو يعترف لهم بأنهم على دين إلهي لقد كان ذلك قبل بعثة الرسول الأخير أما بعد بعثته فلا دين في التصور الإسلامي وفي حس المسلم إلا الإسلام وهذا ما ينص عليه القرآن نصا غير قابل للتأويل إن الإسلام لا يكرههم على ترك معتقداتهم واعتناق الإسلام لأنه لا إكراه في الدين ولكن هذا ليس معناه أنه يعترف بما هم عليه دينًا ويراهم على دين ومن ثم فليس هناك جبهه تدين يقف معها الإسلام في وجه الإلحاد هناك دين هو الإسلام وهناك لا دين هو غير الإسلام ثم يكون هذا اللادين عقيدة أصلها سماوي ولكنها محرفه أو عقيده أصلها وثني باقيه على وثنيتها أو إلحادًا ينكر الأديان تختلف فيما بينها كلها ولكنها تختلف كلها مع الإسلام ولا حلف بينها وبين الإسلام ولا ولاء والمسلم يتعامل مع أهل الكتاب هؤلاء؛ وهو مطالب بإحسان معاملتهم كما سبق ما لم يؤذوه في الدين؛ ويباح له أن يتزوج المحصنات منهن على خلاف فقهي فيمن تعتقد بألوهية المسيح أو بنوته وفيمن تعتقد التثليث أهي كتابيه تحل أم مشركة تحرم وحتى مع الأخذ بمبدأ تحليل النكاح عامه فإن حسن المعامله وجواز النكاح ليس معناها الولاء والتناصر في الدين؛ وليس معناها اعتراف المسلم بأن دين أهل الكتاب بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو دين يقبله الله؛ ويستطيع الإسلام أن يقف معه في جبهه واحدة لمقاومة الإلحاد إن الإسلام قد جاء ليصحح اعتقادات أهل الكتاب؛ كما جاء ليصحح اعتقادات المشركين والوثنيين سواء ودعاهم إلى الإسلام جميعًا لأن هذا هو الدين الذي لا يقبل الله غيره من الناس جميعًا ولما فهم اليهود أنهم غير مدعوين إلى الإسلام وكبر عليهم أن يدعوا إليه جابههم القرآن الكريم بأن الله يدعوهم إلى الإسلام فإن تولوا عنه فهم كافرون والمسلم مكلف أن يدعوا أهل الكتاب إلى الإسلام كما يدعو الملحدين والوثنيين سواء وهو غير مأذون في أن يكره أحدًا من هؤلاء ولا هؤلاء على الإسلام لأن العقائد لا تنشأ في الضمائر بالإكراه فالإكراه في الدين فوق أنه منهي عنه هو كذلك لا ثمره له ولا يستقيم أن يعترف المسلم بأن ما عليه أهل الكتاب بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو دين يقبله الله ثم يدعوهم مع ذلك إلى الإسلام إنه لا يكون مكلفًا بدعوتهم إلى الإسلام إلا على أساس واحد؛ هو أنه لا يعترف بأن ما هم عليه دين وأنه يدعوهم إلى الدين وإذا تقررت هذه البديهيه فإنه لا يكون منطقيًا مع عقيدته إذا دخل في ولاء أو تناصر للتمكين للدين في الأرض مع من لا يدين بالإسلام إن هذه القضيه في الإسلام قضيه اعتقاديه إيمانيه كما أنها قضيه تنظيميه حركيه من ناحيه أنها قضيه إيمانيه اعتقاديه نحسب أن الأمر قد صار واضحًا بهذا البيان اذي أسلفناه وبالرجوع إلى النصوص القرآنيه القاطعه بعدم قيام ولاء بين المسلمين وأهل الكتاب ومن ناحية أنها قضية تنظيمية حركية الأمر واضح كذلك فإذا كان سعي المؤمن كله ينبغي أن يتجه إلى إقامة منهج الله في الحياة وهو المنهج الذي ينص عليه الإسلام كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بكل تفصيلات وجوانب هذا المنهج وهي تشمل كل نشاط الإنسان في الحياة فكيف يمكن إذن أن يتعاون المسلم في هذا السعي مع من لا يؤمن بالإسلام دينا ومنهجا ونظاما وشريعة؛ ومن يتجه في سعيه إلى أهداف أخرى إن لم تكن معادية للإسلام وأهدافه فهي على الأقل ليست أهداف الإسلام إذ الإسلام لا يعترف بهدف ولا عمل لا يقوم على أساس العقيدة مهما بدا في ذاته صالحا والذين كفروا أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف والإسلام يكلف المسلم أن يخلص سعيه كله للإسلام ولا يتصور إمكان انفصال أية جزئية في السعي اليومي في حياة المسلم عن الإسلام لا يتصور إمكان هذا إلا من لا يعرف طبيعة الإسلام وطبيعة المنهج الإسلامي ولا يتصور أن هناك جوانب في الحياة خارجة عن هذا المنهج يمكن التعاون فيها مع من يعادي الإسلام أو لا يرضى من المسلم إلا أن يترك إسلامه كما نص الله في كتابه على ما يطلبه اليهود والنصارى من المسلم ليرضوا عنه إن هناك استحالة اعتقادية كما أن هناك استحالة عملية على السواء ولقد كان اعتذار عبدالله بن أبي بن سلول وهو من الذين في قلوبهم مرض عن مسارعته واجتهاده في الولاء ليهود والاستمساك بحلفه معها هي قوله إنني رجل أخشى الدوائر إني أخشى أن تدور علينا الدوائر وأن تصيبنا الشدة وأن تنزل بنا الضائقة وهذه الحجة هي علامة مرض القلب وضعف الإيمان فالولي هو الله؛ والناصر هو الله؛ والاستنصار بغيره ضلالة كما أنه عبث لا ثمرة له ولكن حجة ابن سلول هي حجة كل بن سلول على مدار الزمان؛ وتصوره هو تصور كل منافق مريض القلب لا يدرك حقيقة الإيمان وكذلك نفر قلب عبادة بن الصامت من ولاء يهود بعد ما بدا منهم ما بدا لأنه قلب مؤمن فخلع ولاء اليهود وقذف به حيث تلقاه وضم عليه صدره وعض عليه بالنواجذ عبدالله بن أبى بن سلول إنهما نهجان مختلفان ناشئان عن تصورين مختلفين وعن شعورين متباينين ومثل هذا الاختلاف قائم على مدار الزمان بين قلب مؤمن وقلب لا يعرف الإيمان ويهدد القرآن المستنصرين بأعداء دينهم المتألبين عليهم المنافقين الذين لا يخلصون لله اعتقادهم ولا ولاءهم ولا اعتمادهم يهددهم برجاء الفتح أو أمر الله الذي يفصل في الموقف؛ أو يكشف المستور من النفاق فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين وعندئذ عند الفتح سواء كان هو فتح مكة أو كان الفتح بمعنى الفصل أو عند مجيء أمر الله يندم أولئك الذين في قلوبهم مرض على المسارعة والاجتهاد في ولاء اليهود والنصارى وعلى النفاق الذي انكشف أمره وعندئذ يعجب الذين آمنوا من حال المنافقين ويستنكرون ما كانوا فيه من النفاق وما صاروا إليه من الخسران ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ولقد جاء الله بالفتح يوما وتكشفت نوايا وحبطت أعمال وخسرت فئات ونحن على وعد من الله قائم بأن يجيء الفتح كلما استمسكنا بعروة الله وحده؛ وكلما أخلصنا الولاء لله وحده وكلما وعينا منهج الله وأقمنا عليه تصوراتنا وأوضاعنا وكلما تحركنا في المعركة على هدى الله وتوجيهه فلم نتخذ لنا وليا إلا الله ورسوله والذين آمنوا الدرس الثاني صفات الذين ينصرون دين الله الجديرين بالولاية وإذ ينتهي السياق من النداء الأول للذين آمنوا أن ينتهوا عن موالاة اليهود والنصارى وأن يحذروا أن يصيروا منهم بالولاء لهم وأن يرتدوا بذلك عن الإسلام وهم لا يشعرون أو لا يقصدون يرسل بالنداء الثاني يهدد من يرتد منهم عن دينه بهذا الولاء أو بسواه من الأسباب بأنه ليس عند الله بشيء وليس بمعجز الله ولا ضار بدينه وأن لدين الله أولياء وناصرين مدخرين في علم الله إن ينصرف هؤلاء يجيء بهؤلاء ويصور ملامح هذه العصبة المختارة المدخرة في علم الله لدينه وهي ملامح محببة جميلة وضيئة ويبين جهة الولاء الوحيدة التي يتجه إليها المسلم بولائه ويختم هذا النداء بتقرير النهاية المحتومة للمعركة التي يخوضها حزب الله مع الأحزاب والتي يتمتع بها من يخلصون ولاءهم لله ولرسوله وللمؤمنين. اهـ.